18 يناير 2011

صفحات لم تطوى بعد


          
            لك الحق يا سيدي أن تطوى صفحات مراحل حياتك كما شئت ، فأنت حر فيما أردت أن تطوي من أوراقها ، والأمر يرجع إليك أن تشطب ما لم يتم نشره وقوله وتدوينه في صفحات التاريخ ، والذي سيبقى راسخا في ذاكرته ، تتداوله الأجيال جيلا بعد جيل ، فإما أن يلعونك أو يترحموا عليك ، فإن كنت تستطيع أن تطوي مراحل حياتك ، فنحن جاهزون لانتقاد تقلبك بين تلك المراحل بين التناقضات ، ولن تستطيع أبدا أن تضحك على شواربنا بقناعاتك التي تبدلت بين ليلة وضحاها ، وإن كان لك الحق أن تطوي صفحات حياتك المتعددة ، فصفحة مصلحة الكويت لم ولن تطوَ بإذن الله ، ويجب عليك أن تقف إلى جانب الوطن ومصلحة المواطنين .
أرجوك يا سيدي لا تتلاعب بالكلمات ، وأنت فارسها بكل تأكيد ، فلسنا أغبياء بدرجة كافية حتى نصدق ما تقول وتدعي ، ولسنا أغبياء أن نصدق فكرة ( التضامن ) المزعوم كي نبرر فعلتك في الدفاع عن مناهضي الحريات ، وساحلي الكرامات جوراً وظلما ، وقامعي الشعب دون اعتبار لمصلحة قريبة أو بعيدة المدى ، سوى مصلحتهم الشخصية .
أتمنى عليك يا سيدي .. أن تتحرر من الفخ الذي أوقعت نفسك فيه ، فصفحة حياتك لم تطوَ بعد ، والملك ما زال يسجل أقوالك ويدوِّن أفعالك ، وستجد كل ذلك في كتاب ، لا يضل ربي ولا ينسى ، ولكل أجل كتاب ، ولا تمسك القلم كالأطفال فتعبث في صفحات حياتك الناصعة ، فهذا والله فعل لا نرضاه لك ولأمثالك .
لك الحق أن تطوي ما شئت ، هذا من حقك ، ولا سلطان لأحد عليك ، ولكن تذكّر أنك لن تستطيع نزع تلك الصفحات أبدا ، فهي باقية في سجلك ، شاهدة عليك بكل أمانة صوتا وصورة ، وعلى تحولاتك التاريخية من اليسار إلى اليمين ، من المعارضة والنقد إلى الدفاع المستميت عن أفعال كنت تنقم عليها يوما من الأيام .. حسافة عليك .
إلى إخواننا في تونس الخضراء : نرفع لك قبعاتنا على ما فعلتموه ، فقد أثبتكم أنكم أحرار لا تقبلون الإهانة والقهر ، وإن صبرتم حينا من الدهر ، إلا أن جذوة أبي القاسم الشابي ظلت تلهب قلوبكم حتى كان ما أردتم ، ورغم أنف المستبدين ، كما أدعوكم للإستمرار في مشواركم الطويل ، فالمسألة ليست متعلقة بأشخاص ، بل هي متعلقة بمنهج ، وطريقة لإدارة الحياة ، فإن ذهب زين العابدين بن علي ، فهناك آلاف غيره على الطريق آتون ، انتبهوا لهم يا رعاكم الله ، ولا تجعلوهم يقطفوا ثمرة جهادكم ضد الظلم والظالمين ، فالجبناء يقطفون في الغالب – ومع الأسف - ثمرة جهاد الشجعان .    


هذا المقال تم نشره اليوم في جريدة الراي الكويتية 
http://alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=250677&date=18012011

ليست هناك تعليقات: