14 يناير 2011

الملك لير في مواجهة تمثال الحرية



ألقيت عصاي في آخر محطة في الخط الأحمر لمترو الأنفاق في المدينة الساحرة مانهاتن ، حيث منطقة ساوث فيري المقابلة للجزيرة التي يوجد بها تمثال الحرية ، المهم أني جلست أتأمل البحر ، والناس بين صائد للسمك ، وبين مزاول لرياضة المشي والجري ، وآخرون يتحدثون ، أما أنا فأخذني الخيال بعيدا وأنا أطالع تمثال الحرية !
أقولها بصراحة أنني شعرت بالغبن ، وأحسست بدمعة حائرة تدور في عيني ، تريد أن تنزل ولكنني مارست طقوس القهر والاستعباد لأمنعها حتى لا يراها الناس ، ولكنها خرجت رغما عن أنفي ، ورغم أنف القهر والتسلط الذي يزاوله الكثيرون في عالمنا ، أقول قولي هذا وأنا من بلد يتمتع أهله وكتابه وصحافيوه بهامش كبير من الحريات على كل المستويات .
تمثال الحرية رمز لقيمة سامية ، وعظمته ليست بسبب روعة بنائه فقط ، رغم أنه كذلك ، بل برمزيته لمعنى عظيم يجب أن يستقر في نفوس البشر ، إنها الحرية التي طالما قاتل من أجلها الرازحون تحت الاحتلال والاستبداد ، وضحوا من أجلها بالغالي والنفيس ، ولكن ما الفائدة إذا خرج المتسلط الأجنبي ، وخلّف من ورائه مستبدا من أبناء البلد .
لو كان الأمر يقف عند هذا الحد لقبلنا به ، ولكن أن تختفي قيمة الحرية في نفوس الناس ، وفي تعاملاتهم ، في الدوائر الحكومية ، في البيوت ، بين الزوج وزوجته ، بين الأب وابنه ، بين الأخ واخته ، عندئذ تكون الطامة ، ويتجذر الاستعباد في قالب جميل من الحرية !!
فجأة وبدون مقدمات .. وأثناء تأملي تمثال الحرية ! وإذا بصرخة قوية تأتي من اليمين هناك حيث يتجمهر الناس ، وإذا بفرقة مسرح متنقل تؤدي مسرحية ( الملك لير ) ، والتي تطرح مفهوم كسر قيود الاستعباد وأهمية الحرية ، فرقة بكامل طاقمها وتجهيزاتها ، والمتابعون لها فاقوا 200 شخصا ، النص كان مكتوبا باحتراف ، والأداء يفوق ( أجدعها ) فرقة مسرح لدينا ، والعجيب أنهم تنقلوا بنا من مكان إلى آخر في الحديقة بشكل انسيابي ، يدعوك للدهشة والمتعة .
إنها الحرية يا سادة ... عندما تتواجد في العقول تجد الإبداع في أبهى صوره .   
  في الأفق :
قال أحمد شوقي:
وللحرية الحمراء باب   ***   بكل يد مضرجة يدق

ليست هناك تعليقات: