05 يناير 2011

الوزير الشريف .. كاتب أرلان


يقولون في المثل المعروف ( لو خليت خربت ) ، وهكذا يدفع الله أهل الفساد بأهل الصلاح دائما ، ولولا الشرفاء في كل البلاد والعصور لتحولت البشرية إلى غابة يأكل الكبير فيها الصغير ، وهي هكذا دائما إذا ظهر الشر واندرس الخير .
أورد ابن حجر جزءا من سيرة ( كاتب أرلان ) الوزير ، فقال عنه ( إبراهيم بن عبدالله القبطي الوزير المعروف بكاتب أرلان ، أسلم قديما وخدم الأمراء ، فاشتهر بالكتابة والضبط ، إلى أن اتصل ببرقوق في إمرته ، فخدم في ديوانه ، فلما تسلطن ( يعني برقوق ) قلده الوزارة فباشرها بكفاية تامة ، حتى أنه لما وُزِّر ( أصبح وزيرا ويعني هنا كاتب أرلان ) لم يجد في الحاصل ( يعني خزانة الدولة ) درهما ولا قدحا من الغلال ، ولما مات وُجِد من النقد في الحواصل ألف ألف درهم ، وثلاثمائة أردب ، وستة وثلاثين ألف رأسا من الغنم إلى غير ذلك .
وقيل : إن جملة ما تركه حاصلا ما قيمته خمس مائة ألف دينار ، فكتب بها أوراقا في مرضه ، فأرسل بها إلى السلطان ، ويقال أنه ناولها للسلطان سرا لما عاده في مرضه .
وكان ( كاتب أرلان ) لا يمكِّن أحدا من الركوب معه ، ولا يركب إلا بغلامه ، ولقد مات سنة 789هـ ، وكان في مدة وزارته لم يغير زيه ولا مركوبه !! ولم يكن عنده في بيته غير جوار قلائل ، فإذا ركب أغلق بابه وحمل المفتاح معه ) الدرر الكامنة ( 1/34 ) .
لاحظوا أن ( برقوق ) اختار القوي الأمين ، فلم يجامل أحدا من العوائل أو الطوائف أو المذاهب ، بل اختار رجلا بسيطا في شكله ومظهره ، ولكنه يعرف عمق إيمانه ، ونظافة يده ، وقدرته على تقلد المنصب الوزراي  ، وقد أحسن صنعا .
سقت هذه السيرة لوزير نظيف اليد ، لم يتلطخ بأموال الشعب ، بل حافظ على الأمانة الموكلة إليه ، وزير لم يحتج إلى قانون ( من أين لك هذا ؟ ) حتى يكون أمينا ويحافظ على أموال الأمة .
أسوق هذه السيرة ونحن على أعتاب مرحلة جديدة لاختيار ممثلينا في مجلس الأمة ، ولنحاول أن نقدم مصلحة الوطن على ما سواه ، وتذكروا أن الرجال مخابر وليسوا مظاهر .

في الأفق :
قال أفلاطون :
نحن ( مجانين ) اذا لم نستطع أن نفكر  .. و( متعصبون ) اذا لم نرد أن نفكر ... و( عبيد ) اذا لم نجرؤ أن نفكر .

ليست هناك تعليقات: